الأحد، 29 أكتوبر 2023

الاجتياح البري لغزة.. معركة "تفوح أسرارها" قبل حدوثها!

  الاجتياح البري لغزة.. معركة "تفوح أسرارها" قبل حدوثها!


الحديث عن الاجتياح البري لغزة دون الشروع في هجوم لا تكف إسرائيل عن التوعد به


بعد 22 يوماً من بدء المواجهات بين إسرائيل وحركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، لم يخفت صوت الحديث عن الاجتياح البري لقطاع غزة، إلا أن الدبابات الإسرائيلية ما زالت تراوح مكانها على تخوم القطاع المحاصر، دون أن تشرع في هجوم لا تكف عن التوعد به.


ويكاد الجيش الإسرائيلي أن يجعل من استعداداته كتاباً مفتوحاً، إذ نشر مقاطع مصورة لتدريبات مكثفة واستعدادات يجريها "لواء غولاني" الذي خسر 71 من مقاتليه يوم السابع من أكتوبر، حين شنت حماس هجوما مباغتا. فقد ظهر تومر غرينبرغ، قائد الكتيبة 13 في ذات اللواء، ليتحدث عن خطط كتيبته في المعركة البرية التي يؤكد أنها آتية لا محالة، وفق تقرير نشرته وكالة "أنباء العالم العربي".


وقال غرينبرغ في مقطع فيديو "نستعد للدخول البري إلى القطاع، بتدريبات مكثفة فردية وجماعية. هذه المرة نحن من سيكون عنصر المفاجأة. سنصل بتركيز شديد، وبكل الإمكانيات المتقدمة والمستوى العالي للكتيبة، وسنكون المنتصرين".


حديث في العلن

والهدف المعلن من اجتياح غزة بريا هو إسقاط حكم حركة حماس في القطاع، لكن المحللين والمختصين يتساءلون عن النوايا الإسرائيلية الحقيقية وراء التلويح بهذه الورقة التي تخالف أبسط قواعد العلوم العسكرية التي تتطلب السرية في إعداد الخطط لحين تنفيذها.


فما يحدث على أرض الواقع هو عكس ذلك تماما. فإسرائيل لا تكف عن الحديث عن حشد مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وآلاف الدبابات بمساندة سلاحي الطيران والبحرية استعدادا للانقضاض على القطاع.


تساؤلات وتفسيرات

وتكاد التساؤلات لا تتوقف حول المتحكم الفعلي في مجريات الأمور بالميدان.. فهل تمكنت حركة حماس من إرجاء الهجوم البري من خلال ورقة الأسرى الأجانب وهو ما دفع بعض الدول للضغط على إسرائيل لإبقاء خطط الاجتياح البري في الأدراج حتى إشعار آخر؟ أم أن إسرائيل نفسها تمارس ضغوطا نفسية في ورقة الاجتياح البري وتريد مراقبة تصرفات حماس على الأرض؟


كذلك طرح تفسير ثالث يقول إن الولايات المتحدة التي اطّلعت على خطط الجيش الإسرائيلي ترى عدم جهوزيته لمثل هذه المعركة. فيما يذهب تيار رابع للقول بأن مستوى الخلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجيش هو ما أعاد الخطط إلى أدراجها ولو مؤقتا.


دخول محدود لا اجتياح

بدوره رجح الدكتور عثمان عثمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، أن أيا كانت التفسيرات المطروحة حول العملية البرية وتوقيتها، فإن الدخول البري سيحدث في نهاية المطاف، لكن ليس على النحو الذي تروج له إسرائيل، بل سيكون دخولا محدودا لا اجتياحا كاملا.


وقال عثمان إن "الجيش الإسرائيلي سيدخل قطاع غزة بعملية برية، لكن الفصائل الفلسطينية جهّزت نفسها جيدا لهذا السيناريو، وحجم الدخول البري سيعتمد على قوة المواجهة والتصدي لهذا العدوان الإسرائيلي". كما أضاف "نتنياهو لن يتحمل خسارة بالغة بين صفوف قواته في الحرب البرية".


إلى ذلك أشار إلى حالة قلق إسرائيلية من فتح جبهة أخرى على الشمال مع تهديد حزب الله بدخول المعركة بشكل أوسع إذا ما شرعت إسرائيل في حرب برية على قطاع غزة. كذلك لفت إلى إمكانية أن تنفتح جبهة ثالثة عبر الجولان السوري، موضحاً أن إيران كذلك لن تترك حزب الله وحيدا حال دخوله المعركة.


وتابع قائلاً "إسرائيل معنية الآن بخلق جسم معاد للمقاومة، وهي تماطل في استخدام ورقة المعركة البرية، لكنها لم تجد أي جسم سواء فلسطينيا أو مصريا ولا حتى في السلطة التي لا يمكن أن تسمح أو تقبل على نفسها هذا الشيء".


"الحلول السياسية تقررها نتائج الحرب"

أما الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله فيرى أن قرار الحرب البرية هو الذي يقود في نهاية المطاف إلى الحلول السياسية، ومن ثم فإن الشروع فيه ليس سهلا كون كل النتائج اللاحقة تترتب عليه.


وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي "الحلول السياسية تقررها نتائج الحرب.. من هو المنتصر ومن هو المهزوم".ويفسر ذلك بقوله "لو دخلَت إسرائيل بريا في قطاع غزة وانكسرت شوكتها، ستكون قد منيت بسابع من أكتوبر جديد، وهذا يعني أنه لا يمكن أن تفرض شروطها".


يذكر أن الجيش الإسرائيلي نفّذ الليلة الماضية عملية توغل في قطاع غزة شارك فيها رتل من الدبابات وقوة من المشاة، وفق متحدث عسكري، ضد أهداف "عديدة" قبل الانسحاب، في وقت تواصل تل أبيب استعداداتها لشن هجوم بري رغم التحذيرات الدولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق