قال رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إفرايم إنبار، إن الولايات المتحدة لن تتخذ قراراً صائباً باختيار قطر حليفاً استراتيجياً، ذلك لأن للدوحة أجندات مختلفة تماماً عما تعمل من أجله واشنطن في الشرق الأوسط.

وقال إنبار في مقال بصحيفة جيروزاليم بوست، اليوم الجمعة: "لن يكون قراراً أمريكيا حكيماً اختيار قطر حليفاً، ورغم أن الإمارة تستضيف أكبر منشأة عسكرية أمريكية في المنطقة، فأنها لا تستحق أن تُعتبر حليفاً حقيقياً لأمريكا".


ويعزو الكاتب ذلك لأسباب أولها وأهمها أن "قطر تنفق مبالغ طائلة في دعم منهجي لأنشطة الإخوان في مصر، وفروع التنظيم في جميع أنحاء العالم. ومن المعروف أن الإخوان منظمة إرهابية معادية للغرب وللديمقراطية. وتمول قطر أيضاً العديد من الجماعات الجهادية والمتطرفة، وأُدين العديد من مواطنيها بالتورط في أنشطة إرهابية إقليمية".

وأضاف "تستخدم قطر شبكة الجزيرة التلفزيونية المؤثرة لتقويض استقرار جيرانها العرب، حتى أن الولايات المتحدة استنتجت أخيراً أن الجزيرة ليست وسيلة إعلامية فحسب، بل هي جماعة ضغط أيضاً".



ولفت إلى أنه "ليس مستغرباً أن تبادر السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، إلى مقاطعة قطر منذ 2017، في محاولة لكبح السلوك التخريبي للدوحة".

ويتابع الكاتب "طلبت قطر مساعدة تركيا، فنشرت أنقرة تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، والمرتبط أيضاً بجماعة الإخوان 5 آلاف جندي على أراضي الدوحة للدفاع عن النظام. وعلاوة على ذلك، دعمت قطر سياسة أردوغان الخارجية ومغامراته العثمانية والإسلاموية المتطرفة".



ويقول: "ساعدت قطر أردوغان في التغلب على صعوباتها الاقتصادية في الأعوام الماضية. وتمول قطر أيضاً التدخل التركي في ليبيا بالوقوف إلى جانب حكومة طرابلس، رغم صلاتها الوثيقة بالإسلاميين. وسعياً لاستقرار قصير المدى، سمحت إسرائيل لقطر بتوفير الأموال بانتظام في غزة للحفاظ على سلطة حماس فيها، وللتذكير فإن حماس هي الفرع الفلسطيني للإخوان، وهي منظمة إرهابية عازمة على تدمير إسرائيل"، لافتاً إلى أن "هذه السياسة الإسرائيلية قصيرة النظر وحمقاء".

وبشكل عام، يتابع المحلل "فشلت الولايات المتحدة في تمييز ظهور محور غير جديد تماماً مناهض للغرب في الشرق الأوسط، يتألف من تركيا وقطر، في اصطفاف راديكالي خطير. إذ عارض البلدان اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات. ويحاولان تقويض استقرار مصر. وطبعا الاستقرار في مصر مصلحة أمريكية أساسية".

ويضيف "تدعم أنقرة والدوحة حماس علنا وتُسهل التعاون بينها وبين حزب الله. وتؤدي الإجراءات التركية والقطرية إلى تفاقم التوتر داخل حلف شمال الأطلسي، التي يمكن أن تتحول إلى مواجهات عسكرية يونانية تركية، وفرنسية تركية".


وعلى هذا الأساس يعتبر الكاتب أن هناك مؤشرات على أن الراديكاليين يتقربون أكثر من إيران، ويقول: "كانت قطر تتعامل مع إيران لبعض الوقت، ومن المؤشرات على ذلك هو أن الخطوط الجوية القطرية كانت الناقل الأجنبي الوحيد الذي هبط في إيران خلال الأشهر الستة الماضية. لذلك على واشنطن أن تشعر بالقلق من احتمال وصول أسلحتها التي تبيعها للدوحة إلى إيران، ما يهدد القوات الأمريكية في المنطقة".

أما تركيا فهي تتحايل منذ أعوام على العقوبات الأمريكية ضد إيران، وساعدت تنظيم داعش الإرهابي وسهلت دخول وخروج عناصره بعدة طرق.



ويضيف رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن: "واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة أوباما المتمثلة في الانسحاب من الشرق الأوسط، في اتجاه سمح بقدر أكبر من حرية العمل للجهات الفاعلة الإقليمية. ولذلك استفادت تركيا وقطر من الظروف الجديدة للخروج عن التفضيلات الأمريكية".

ويتابع "وبدل دعم جهود حلفائها الخليجيين للضغط على قطر لاتخاذ سلوك مسؤول ومختلف، ترى واشنطن أن الخلاف مع قطر يمثل تهديداً لاحتواء إيران. وحاولت التوسط فيه دون نجاح يذكر. وبالمثل، تسامحت واشنطن عن طريق الخطأ مع الأذى التركي الذي طال حلفاء أمريكا التقليديين في الشرق الأوسط، وشرق البحر المتوسط".

ويختتم إنبار تحليله بالقول: "على واشنطن مراجعة عاجلة لعلاقاتها مع هاتين الدولتين الفاعلتين في الشرق الأوسط، قطر وتركيا. فأمريكا تحتاج إلى أن تكون قادرة على تمييز الصديق من العدو، وفي هذا الإطار، فإن إضفاء واشنطن على الدوحة صفة "حليف" سيكون خطأً فادحاً".